"المسحراتي" في رمضان.. أشهرهم مؤذن الرسول وحاكم مصر

المستقبل الاقتصادي
يعتبر المسحراتي، أحد أشهر سمات ومعالم شهر رمضان المبارك، ورغم أنها فقدت الكثير من رونقها وشعبيتها في السنوات الأخيرة، إلا أنها لا تزال مرتبطة بأذهان كبار السن.
ويطلق لقب المسحراتي على الشخص الذى يتولى مهمة إيقاظ المسلمين في ليالي شهر رمضان لتناول السحور، والمشهور عنه أنه يحمل طبلة أو مزمارا ويقوم بالعزف عليها لإيقاظ الناس لتناول السحور قبل أذان الفجر.
ويلقي "المستقبل الاقتصادي"، الضوء على مهنة المسحراتي وكيف بدأت ومن هو أول مسحراتي في الإسلام.
بداية المسحراتي
بدأت مهنة المسحراتي بمفهومها الحالي والحديث، في عهد الدولة العباسية.

وكان أول مسحراتي في العهد الإسلامي هو الصحابي الجليل بلال بن رباح، فكان يجوب الطرقات ليلا لإيقاظ الناس للسحور بصوته العذب، كما طلب منه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أول مؤذّن في الإسلام ومعه ابن أم مكتوم، يقومان بمهمة إيقاظ الناس للسحور.
وفي عصر الدولة العباسية يعتبر عتبة بن إسحاق أول الولاة، وكان واليا على مصر، أول من كان يسحر الناس، فكان يخرج بنفسه سيرا على قدميه لإيقاظ الناس مرددا "يا عباد الله تسحروا، فإن في السحور بركة".
وظهرت بشكل رسمي في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي، حيث كان قد أصدر أمرا بأن ينام الناس مبكرا بعد صلاة التراويح، وكان جنوده يمرون على البيوت ويوقظون الناس لتناول السحور.
ظهور الطبلة بالعصا
في عصر المماليك ظهر "ابن نقطة" وهو شيخ طائفة المسحراتية، وكان المسحراتي الخاص بالسلطان الناصر محمد، وطور المسحراتية مهنتهم فقد مارسوا الطرق على الطبلة بالعصا، وكانت الطبلة تسمى "بازة " وكانوا يطرقون عليها دقات منتظمة قوية ومدوية كافية لإيقاظ شارع بأكمله.

ثم تطورت المهنة وظهر المسحراتي وهو يشدو بأشعار شعبية وزجل خاص يمتع السامعين، ويحبب المواطنين في الاستيقاظ لسماعه وتناول السحور.
وكان المسحراتي قديما يرافقه رجل آخر يحمل فانوسا، حتى يشاهد المسحراتي الطريق في ليالي رمضان حالكة السواد، حيث لم تكن توجد إنارة في الشوارع والطرق الوعرة الضيقة قديما.

أجر المسحراتي
أما أجر المسحراتي فتغير على مر العصور. فقد كان يتقاضي جزءاً من الخراج وبعض المحاصيل والحبوب.
وارتبط الأجر بالطبقة التي ينتمي إليها المتسحر، وعادة ما كان الأجر يؤخذ بالحبوب، فيأخذ قدحاً أو نصف كيلة من الحبوب سواء ذرة أو قمح، وحسب ما يجود به المتسحر حسب قدرته، أما الفقراء فكان المسحراتي لا يقف أبدا عند منازلهم لتناول الأجر.

اقتراب المسحراتي من الاختفاء
أما الآن، فقد تغير الوضع، واقتربت مهنة المسحراتي من الاندثار والانقراض، فالناس لا ينامون في ليالي رمضان، وإذا فعلوا قام المنبه والهاتف الجوال بدور المسحراتي، إذ يكفي أن تضبطه لتستيقظ في موعد تناول السحور.
لكن رغم ذلك مازال المسحراتي يجول ويصول من حين لآخر في مصر وشوارعها، ليس لإيقاظ النائمين فحسب، ولكن للتعبير عن الفرحة بقدوم رمضان، والاحتفال بأحد مظاهر الشهر الكريم وممارسة طقوسه القديمة.
